الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي الأستاذ معن بشور: للجزائر دور لافت دوليا لوقف العدوان على غزة
19 آذار 2024 حاورته:سهام بلوصيف
حاورته:سهام بلوصيف
691

الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي الأستاذ معن بشور: للجزائر دور لافت دوليا لوقف العدوان على غزة

ثمن  الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي الأستاذ معن بشور مساعي الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الرامية لوقف العدوان الجائر على قطاع غزة. وقال إنها تقوم بتحرك لافت على المستويات العربية والإسلامية والدولية،  وأضاف إن المواقف الجزائرية موجودة في قلب المساندة العربية والدولية للشعب الفلسطيني، معتبرا ثورة الجزائر بكل عناوينها ومحطاتها على غرار عيد النصر  المصادف ل19 مارس  1962 وبكل شهدائها وأبطالها لها مكانة كبيرة على الصعيد العربي ومازالت اليوم مبعث أمل وتفاؤل بإمكانية الانتصار على أعداء الأمة .


 *تحيي الجزائر  الذكرى ال62 لعيد النصر، ماذا يمثل هذا العيد للأمة العربية؟

- في التاسع عشر من مارس 1962 يوم جرى وقف إطلاق النار بعد سنوات سبع من ثورة جزائرية عظيمة استكملت ثورات متعددة على مدى 132 عاماً قدمت خلالها الجزائر عشرات الملايين من أبنائها شهداء على طريق تحرير الجزائر واستقلالها.

وهذا اليوم هو واحد من أيام ثلاثة يحتفل بها الجزائريون كما كل أبناء الأمة بمحطات شهدتها الجزائر في القرن الماضي، أول هذه المحطات هو الأول من نوفمبر 1954 يوم أطلق الجزائريون الرصاصة الأولى في ثورتهم ضد الاستعمار الفرنسي والتي تحولت إلى ثورة ذات أبعاد عربية وإسلامية وإفريقية ودولية ما زال وهجها مستمراً حتى اليوم، والمحطة الثانية البالغة الأهمية هي 19 مارس 1962 حين تم عقد حل أدى اتفاق وقف إطلاق النار إلى انسحاب لقوات الاستعمار الفرنسي والمستوطنين معهم وهو ما يذكرّ بما يمكن أن يحدث بإذن الله على أرض فلسطين التي تخوض أيضاً حرباً فيها من البطولات والتضحيات والوحشية الصهيونية ما يذكرنا  ببطولات الجزائريين وتضحياتهم ووحشية الاستعمار، أما المحطة الثالثة في الإعلان عن استقلال الجزائر في الخامس من جويلية.

لا شك أن ثورة الجزائر بكل عناوينها، وبكل محطاتها، وبكل شهدائها، وبكل أبطالها لها مكانة كبيرة على الصعيد العربي وهي ما زالت حتى اليوم مبعث أمل  وتفاؤل بإمكانية الانتصار على أعداء الأمة كما نرى اليوم في غزة وعموم فلسطين، والتي بالتأكيد تستمد من الثورة الجزائرية كل الأمل والثقة بالانتصار على أعداء الأمة.

*كيف تقرؤون تحرك الجزائر لإنهاء الحرب الجائرة على غزة؟

- مما لا شك فيه أن الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تقوم بتحرك لافت على المستويات العربية والإسلامية والإفريقية وطبعاً حتى على المستوى الدولي من خلال تمثيلها للمجموعة العربية في مجلس الأمن، فعلى المستوى العربي تشكل الجزائر شعباً وحكومة، داعماً لغزة، فكل من يتابع الحملات الشعبية التي تقوم بالجزائر من أجل إرسال إمدادات غذائية وإنسانية لأهلنا في غزة، وهناك أيضاً عمل مشترك بيننا في لبنان وبين إخوة من لجنة المبادرة الجزائرية لإسناد غزة التي كان قد زار وفد منها لبنان قبل أيام.

وهنا لا ننسى دور قمة الجزائر عام 2022 والتي مهدت الأجواء لاستعادة سورية موقعها في النظام الرسمي العربي بعد سنوات من عزل غير مبرر.

أما على الصعيد الإسلامي والإفريقي فكلنا يلاحظ الدور النشط للديبلوماسية الجزائرية في تعبئة القوى وفي إطلاق موقف يليق بهذه  البطولات التي نراها في غزة، وبهذه البطولات التي تغير إلى حد كبير  من معالم المشهد العربي الإقليمي وحتى الدولي.

 وهنا لا بد أن نذكر دور الجزائر في الاتحاد الإفريقي الذي شهد قمته منذ فترة قريبة تضامناً كبيراً مع أهلنا في فلسطين عبر بيان تضمن تنديداً كبيراً بما يجري من عدوان على غزة،  ومن كلمات مزلزلة اعتبرت الصهيونية نسخة جديدة من النازية.

طبعاً لا ننسى دور الجزائر المستمر في دعم الثورة الفلسطينية و’خرها مبادرة  الرئيس عبد المجيد تبون من أجل إنهاء الانقسام الفلسطيني، وهي مبادرة لم تستطع حتى الآن تخطي التعقيدات المعروفة في العلاقات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية.

على المستوى الدولي علينا أن نتذكر دور مندوب الجزائر في مجلس الأمن الذي يطل علينا بين اليوم والأخر بمقترح لوقف فوري للعدوان والذي تعترض عليه الإدارة الأمريكية عبر الفيتو الممنوح لها بصفتها من الدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة.

إن مجمل هذه المواقف يؤكد أن الجزائر موجودة في قلب المساندة  العربية والدولية لشعبنا في فلسطين منذ زمن وحتى اليوم وكلنا لا ينسى شعب فلسطين ذلك الشعار الذي أطلق في يوم النصر عام 1962 «  استقلال الجزائر لا يكتمل إلا باستقلال فلسطين » ولا ننسى أيضاً احتضان الجزائر للثورة الفلسطينية ممثلة بحركة (فتح) آنذاك في الجزائر في الأيام الأولى لتلك الثورة.

*في رأيكم  هل الجزائر تقوم بدور فاعل في المنطقة العربية؟

- طبعاً كلنا يعرف حقيقة المشهد العربي في هذه الأيام، وخصوصاً على المستوى الرسمي وهو مشهد لا يليق أبداً بتضحيات شعبنا العربي الفلسطيني  في غزة  وعموم فلسطين، ولا يليق أبداً بما يجري من إسناد شعبي شامل تجاوز فلسطين إلى بعض الدول العربية، ومن هنا يجب أن ندرك أن أي دور يجب أن نسعى إليه عبر المستوى العربي يواجه تعقيدات وصعوبات عديدة، لكن مع ذلك فللجزائر حضور على المستوى العربي، وخصوصاً على المستوى الشعبي، الذي اعتقد إنه من المفيد جداً أن تحتضن  الجزائر العديد من الملتقيات والمنتديات والمؤتمرات المرتبطة بما يجري في فلسطين سواء على المستوى العربي أو الإسلامي أو الإفريقي أو الدولي، بالتأكيد كانت هناك ملتقيات بالغة الأهمية ولكن يجب أن تتحول الجزائر ساحة للتضامن مع النضال الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، بل ساحة من أجل التنديد بالجرائم الصهيونية.

*إلى مدى يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تستلهم من الثورة الجزائرية؟

- أعتقد أن الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ انطلاقتها في 1/1/1965، كانت تعتبر الثورة الجزائرية نموذجاً يقتدى به، وقد كان لقيادات حركة (فتح) منذ تأسيسها دور كبير منذ انطلاق تلك الثورة عبر احتضان الجزائر لها، فلقد احتضنت الثورة الفلسطينية منذ ذلك اليوم دولتان هما الجزائر وسورية، وأذكر أن أول مكتب ل(  فتح) تم افتتاحه في العاصمة الجزائرية بإشراف القائد الشهيد أبو جهاد، وأعتقد أن فكرة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي حرصت أن تجمع كل الشرفاء من أبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن خلفياتهم الحزبية والفكرية والعقائدية كانت مستوحاة من فكرة تأسيس جبهة التحرير الوطني الجزائرية، والتي كانت أيضاً تضم جزائريين من منابت فكرية وسياسية وحزبية متعددة، وبقيت  الثورة الجزائرية ملهمة للثورة الفلسطينية وحاضنة لها ودافعة لها في كل المراحل الصعبة التي مرت بها هذه الثورة، وهذا يؤكد على العلاقة المتينة بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية ، وأنا لا أنسى كيف أننا عام 2010 استطعنا  في المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن أن نعقد ملتقى دولياً كبيراً  داعماً للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وكيف  ضمت الجزائر يومها المئات من الأسرى المحررين ومن ذوي الأسرى تأكيداً على أن الجزائر تعرف تماماً معنى الأسرى ومعنى التضحيات، ومعنى النضال، ونحن نطمح إلى أن تستضيف الجزائر أيضاً منتديات عربية ودولية لعل أبرزها « المنتدى العربي الدولي من أجل العدالة لفلسطين » والذي لعب أعضاؤه من خارج الوطن العربي دوراً في هذا الحراك الشعبي على المستوى الدولي.

*في نظركم ما هي المكاسب التي حققتها المقاومة الفلسطينية  في هذه الحرب؟

- أعتقد أن العالم كله قد أدرك حجم التحولات  التي جرت على المستويات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، بفعل هذه المقاومة التي شهدنا فصولاً رائعة منها منذ عملية « طوفان الأقصى » في السابع من أكتوبر عام  2023 حتى اليوم، والتي هي بحد ذاتها عملية نوعية حاولوا تشويهها وشيطنتها، ولكن أكدت قدرات الشعب الفلسطيني على  تحقيق هذا النوع من العمليات النوعية. ثم كانت هذه البطولات على ما يقارب الأشهر الستة رغم الآلام وآلاف الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين، وقد استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تصل إلى كل العالم، وأن تبدد الرواية الصهيونية عن القضية الفلسطينية لتحل محلها الرواية الفلسطينية الحقيقية لشعب تم اغتصاب أرضه واحتلالها وإبعاده عنها، وها هو  اليوم يحاول أن يستعيد حقوقه ويحرر أرضه من البحر إلى النهر.

أنا لا أعتقد أن مكاسب هذه الثورة محصورة فقط في ما حققته لقضية فلسطين التي عادت إلى قلب العالم كما لم تكن في أي وقت مضى وأخرجت تلك القضية من محاولات تهميشها والالتفاف عليها وطعنها بالتطبيع، لكنني أعتقد أن جماعة التطبيع اليوم في مأزق سواء من وقعّ هذه الاتفاقات من حكوماتنا العربية أو ممن كان سيوقعّ بفضل ما جرى في فلسطين من مقاومة باسلة، وأعتقد أن هذه المقاومة تلعب دوراً كبيراً في إجراء تحولات في موازين القوى سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي مما يجعلنا نأمل بقيام نظام جديد قائم على العدالة وعلى احترام القانون الدولي في كل مكان بعيداً عن أي هيمنة قطبية لهذه الدولة أو تلك.

*كيف تحللون تمادي الاحتلال الصهيوني في غطرسته؟

- من يدرس الفكر الصهيوني وتاريخ الحركة الصهيونية لا يفاجأ بهذا التمادي في هذا الإجرام وهذه الوحشية وفي إقامة المجازر اليومية وفي هذه  الحرب التي باتت موصوفة في كل العالم بأنها حرب إبادة  جماعية مخالفة للقانون الدولي، وللقانون الدولي الإنساني، والتي تعتبر بالمقاييس القانونية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس.

لا شك أن الفكر الصهيوني القائم على العنصرية وعلى الإقصاء والإلغاء والاجتثاث قد تجلى بكل أشكاله في هذه الملحمة التي تشهدها غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، وأظهر أن هذا العقل العنصري المتحكم  بالكيان الصهيوني، غير أبه لا بالرأي العالم الدولي ولا بالقانون الدولي، ولا بكل القرارات الدولية، بل هو مستمر في تماديه ولكنه كما تقول الآية القرآنية «  يمدهم في طغيانهم يعمهون » .

وأعتقد أن هذا التمادي المستمر والمتصاعد في العدوان ورفض أي شكل وأي دعوة  لوقف هذا العدوان سيكون بمثابة إلغاء صورة الكيان الصهيوني كما رسمها لنفسه منذ  74 وليؤكد أن هذا الكيان في طريقه إلى العزلة التي دعونا في المؤتمر القومي العربي  منذ أشهر وقبل عملية « طوفان الأقصى » وذلك من أجل أن نطلق حملة عالمية من أجل عزل الكيان الصهيوني كما جرى مع النظام العنصري في جنوب إفريقيا والذي أدى إلى سقوط هذا النظام.

إننا نثمن عاليا موقف الجزائر ودورها الهام في مجلس الأمن، فالجزائر من موقعها  الدولي الحالي قادرة على أن تلعب دوراً هاماً في حشد دولي كبير لعزل هذا الكيان الصهيوني دولياً تمهيداً لإسقاطه على أرض فلسطين.

*في رأيكم ما هو الحل الأسرع لإنهاء الحرب الجائرة في غزة؟

- الحل الأسرع هو في الوقف الفوري والدائم لهذا العدوان على غزة، ثم في خروج الاحتلال من كل أراضي غزة تمهيدا لخروجه من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم تمرير مساعدات إنسانية فورية لأبناء غزة الذين يعانون من المجاعة بشكل لم يعرفه تاريخ البشرية منذ قرون، ثم العمل من أجل إطلاق الأسرى كل الأسرى مقابل  الأسرى الصهاينة  المحتجزين لدى المقاومة، وأيضاً  المباشرة فوراً بإعمار غزة التي دمر العدو أكثر من 75% من مساكن أبنائها، ودمر بنيتها التحتية من مدارس ومستشفيات ناهيك عن المساجد والكنائس وبيوت العبادة، وكذلك الأمر، الحل  يكمن بموقف عربي وإسلامي واضح من هذا الكيان بإسقاط كل أشكال التطبيع والتنسيق الأمني، وأيضا يتطلب الحل إنهاءً للانقسام الفلسطيني وسعياً لعمل فلسطيني مشترك، بل موحد، من أجل مواجهة هذا العدوان بعيداً عن إثارة الخلافات الداخلية التي لا يستفيد منها إلا العدو.

كذلك الموقف العربي المطلوب أيضاً هو احتضان أهلنا في فلسطين وتقديم كل الدعم الإنساني والاجتماعي والاقتصادي لمجابهة آثار هذا العدوان ولن نطلب  أكثر من ذلك من تلك الدول، خصوصاً تلك الدول التي تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني، والتي في نظر أمتها ما زالت متمسكة بعار لا يمكن محوه  بسهولة وهو عار التعامل مع كيان  يقتل دون حساب أبناء أمتنا وأبناء شعبنا.

المطلوب أيضاً تحرك عربي ضاغط داخل هذه المنطقة وعلى المستوى الدولي من أجل وقف فوري للحرب، ناهيك  عن استمرار التحرك الشعبي الرائع دعماً  لفلسطين وضغطه على أصحاب القرار في الحكومات الداعمة للكيان الصهيوني وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية  من أجل تغيير موقفها، والضغط على هذا الكيان لوقف هذا العدوان على شعب فلسطين وعلى الأمة جمعاء..

رأيك في الموضوع

التعليقات ملك لصاحبها ولا تخص الجريدة