في رهان الرئيس تبون على الدولة القوية
« يا فرنسا قد مضى وقت العتاب »
لو تتبعنا جيدا مواقف الرئيس تبون، وكذا تصريحاته وجهوده المبذولة، منذ عهدته الأولى إلى يومنا هذا، لوجدناها تستند على ركيزة أساسية، هي « الدولة القوية »، بكل ما تعنيه « القوة » من علامات وشواهد، أي امتلاك قوة شاملة، سياسية وعسكرية ودبلوماسية واقتصادية، وكذا قوة الجبهة الداخلية، مع الارتكاز الدائم إلى المخزون الثوري للجزائر.
هذا التحدي الذي رفعه الرئيس تبون لم يكن مجرد شعار، بل هو تحد حقيقي، ويمكن اعتباره جوهر السياسة، التي تسير عليها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث يلاحظ أن العمود الفقري للجزائر الجديدة، هو امتلاك ما يعرف ب »القوة الشاملة والمؤثرة »ولعل نتائج بناء هذه القوة، التي حرص عليها الرئيس تبون، بإرادة صلبة ورؤية استشرافية، هو أن الجزائر اليوم تتمتع بأعلى مراتب الأمن والاستقرار في ظل تهديدات ومخاطر إقليمية ودولية، كما أنها أكثر غيرة على سيادة قرارها السياسي، وأكثر تمسكا بمواقفها الثابتة، وأكثر حرصا على عدم الانصياع أو الإذعان لأي إملاءات خارجية، مهما كانت ومهما كان مصدرها.
وهذا الارتكاز على الدولة القوية، هو الذي يبرز مدى قوة الموقف الجزائري في مواجهة الحملة الشرسة، التي تقودها فرنسا الرسمية وحليفها اليمين الفرنسي المتطرف ضد الجزائر، حيث الملاحظ أن الجزائر دخلت عهدا جديدا، وأنها قررت أن تكون كما يجب أن تكون، فهذا هو قدرها، الذي ينسجم مع تاريخها وقيم ومبادئ ثورتها المجيدة، التي صنع من خلالها الشعب الجزائري رصيدا خالدا، أساسه البطولة والنخوة والشرف.
أليست هي الجزائر، التي مرغت أنوف الاستعماريين في وحل الهزيمة، حتى غدت نبراسا ومثلا يحتذى، وبرهانا ساطعا على أن ليل الظلم والطغيان سينتصر عليه فجر الحرية والانعتاق.
هذه هي الجزائر، تواصل مسارها المظفر، بمواقف مشرفة، تقول لا ثم لا للاستعمار قديمه وجديده، وتقول بصوت واحد: يا فرنسا قد مضى وقت العتاب.
نعم، يا فرنسا استعدي وخذي منا الجواب، كانت تلك هي الصيحة المدوية بالأمس، وهو ليس بالبعيد، حين صدح صوت الحق: الله أكبر، حيى على الجهاد، وها هو يوم الحساب يأتي من الجزائر الجديدة، التي قررت بأنه لا تفريط في سيادتها ولا تنازل عن مواقفها ولا مساومة في مبادئها.. فالجزائر اليوم- كما قال الرئيس تبون-: « وصلت إلى نقطة اللارجوع للدفاع بشراسة على سيادتها، وأنه لا توجد قوة تستطيع الضغط عليها.. .»
الجزائر اليوم لم تعد « الحديقة الخلفية » ولا الدولة التابعة، ولم يعد في قاموسها شيء اسمه التخاذل أو الانصياع.. الجزائر اليوم دولة تاريخ، رايتها خفاقة عالية، ولا تتلقى الأوامر من أي أحد.
أجل، عقدت الجزائر العزم على أن تكون كما تريد هي أن تكون، دولة محمية بشعبها وجيشها وجاهزيتها للدفاع عن نفسها وعدم التفريط في سيادتها.
ولذلك كله، تتعامل الجزائر القوية، مع كل الدول، فرنسا وغيرها، بمواقف واضحة، تتسم بالجرأة المدروسة وغير المتهورة، وهذا ما يبرز بجلاء في مواجهة« التهديات » الفرنسية، حيث تميزت هذه المواجهة بأنها قوية ومؤثرة، حددت أهدافها الاستراتيجية بدقة، ارتكازا على قوة مؤثرة، تحمي الوطن وتدافع عنه وتصون الأمن القومي للجزائر.
أول الكلام
« لقد حان الوقت لأن ترفع فرنسا ركبتها عن أعناقنا ».
* مسؤول إفريقي
التحرير