الحرب على غزة ودجل الإعلام العربي
يُّعد الإعلام أقوى أسلحة العصر، وما الحروب الصهيوأمريكية المباشرة أو عن طريق وكلائها أو المتلاعبين بعقولهم وأحلامهم في منطقتنا العربية خير دليل وشاهد على ذلك، حيث برز في تسعينات القرن الماضي وبدايات الألفية قنوات فضائية تحت شعارات مختلفة على شاكلة الرأي والرأي الأخر، حرية الكلمة..، وصولاً إلى الطفرة في مجال تكنولوجيات التواصل الاجتماعي بفضل التطور المذهل الذي عرفته شبكات الأنترنت والهواتف النقالة وبرمجياتها.
تزعمت المشهد الإعلامي العربي بعض المؤسسات الإعلامية التي استغلت عطش المشاهد والعقل العربي عامة إلى نافذة من الحرية في التعبير والنقاش الحر الجاد خارج القوالب الجاهزة ولغة الخشب، مكتشفين من خلالها جوانب ودرجات من التخلف والانحطاط الذي تعانيه بالمقارنة بما تحياه شعوب المعمورة، وتحت زخم هذا الإعلام وموجهوه تم استغلال مشاكل وأزمات وآلام وأحلام المواطن العربي لتبتز عصب أنظمة الحكم في هذه الدول، ولتتنابز فيما بينها عبره.
المتابع للمشهد الإعلامي العربي اليوم، وفي تغطيته للحرب الدائرة منذ إحدى عشر شهر، يلاحظ بأن السياسات الإعلامية لمختلف المؤسسات الإعلامية رسمية كانت أم خاصة، وعبر مختلف وسائطها الاجتماعية، لا تخرج عن السياسات المتبعة من قبل أنظمة الحكم القابعة والخاضعة لها هذه المؤسسات طمعًا في مال المعز أو تطبيقًا للأجندات الوظيفية لهذا البلد أو ذاك.
فهناك قنوات إعلامية أصبحت لا تغطي الأحداث المأساوية المستمرة في غزة أو تغطيها بحيز زماني ضئيل جدًا، وكأنه خبر عادي تم تطبيع المواطن معه، وقنوات أخرى ووسائطها مازالوا يقومون بحروب إعلامية لتشويه رجالات المقاومة المجاهدين في دار الرباط المقدس، وإعلام آخر أكثر خبثًا ومكرًا من هذا الإعلام، وهو الإعلام الذي يحاول استغلال منابره للترويج لدور وهمي عن طريق الكلام نهار مساء على مفاوضات وصفة تبادل الأسرى، والذي روج فيما روج له بأنه في هذا اليوم 15 أوت سيتم عقد لقاء لاستئناف المفاوضات بين المقاومة والاحتلال الصهيوني، بيان مريب من ثلاثي بقيادة الأمريكي.
ديبلوماسية الإنابة أو الإسفنجة كما يسميها الدكتور وليد عبد الحي، بدل أن تدعو هذه الأطراف التي أهابها انتظار الرد الإيراني عن انتهاك سيادة أراضيه، إلى عقد دورة طارئة لمجلس الأمن تحت البند السابع وليس البند السادس كما يستوجب واقع الحال وفق ميثاق الأمم المتحدة، حفاظًا على السلم والأمن الدوليين من مخاطر الحرب الإقليمية، نشاهد وكلاء الصهيوأمركية في المنطقة العربية يسارعون لنجدة الصهاينة مجددًا وإعطائهم طوق نجاة عن طريق ما سمي بالدعوة لاستئناف مفاوضات ماكرة، والتي لا يؤمن بها الكيان الصهيوني أصلاً، ويهرولون لها عبر ترسانتهم الإعلامية بشكل فج محاولة منهم لجم عقل المشاهد العربي، وحصر تفكيره بأن الخلاص لا يكون إلا في عقد صفقة مع الاحتلال الصهيوني، بدل قيام هذا الإعلام بدوره الأساسي في هكذا مراحل حرجة في تاريخ الأمة وهو إيقاظ همم الشعوب وحثهم على نصرة الشعب الفلسطيني الذي يذبح وتنتهك أعراضه في كل لحظة من هذه الحرب الهمجية الهوجاء.
من سخرية القدر، أن نشاهد في إحدى القنوات ومثيلاتها، خبر قدوم أسراب من الطائرات الحربية الهجومية الأمريكية إلى الشرق الأوسط وحاملات طائرات، ونقرأ في المواقع الأجنبية أن قدوم هذه الأسراب كان إلى قاعدة في بلد عربي، والتي منها أو بواسطتها يقوم دركي العالم المعاصر وأعوانه بالاعتداء على البلدان الأخرى التي لا تتماشى مع مصالحه، وما حدث في 2004 بالعدوان والاحتلال الأمريكي للعراق ليس ببعيد، فهل هذه القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج تهدف إلى حماية الكيان الصهيوني أم ..........؟